من المسائل المهمة لمسألة الوديعة التي ينبغي التنبه لها والحذر منها:
ما يُعرف بالودائع المصرفية، وصورتها أن
يودِع العميل مبلغًا من المال – كمئة ألف دينار – في حسابه الجاري لدى البنك،
ويُمنح إيصال إيداع بذلك. فهل يُعدّ هذا الفعل وديعة بالمعنى الفقهي؟
الجواب: لا يُعد هذا العقد وديعةً شرعية، وإن
اصطلح الناس على تسميته كذلك؛ إذ العبرة في العقود بالحقائق والمعاني لا بالألفاظ
والمباني. بل حقيقته أنه "قرض"، لا "وديعة"، إذ القرض – كما
عرّفه الفقهاء – هو دفع مال لمن ينتفع به ويردّ بدله، وهذا منطبق تمامًا على ما
يقع في الحسابات الجارية، إذ إن البنك يتصرّف في المبلغ المدفوع إليه، ويلتزم برد
مثله في أي وقت، وهذه هي حقيقة القرض.
ومن الشواهد على كونه قرضًا: أن المصرف يضمن
هذا المبلغ حتى في حال التلف من غير تعدٍ ولا تفريط، وهذا من خصائص القرض، لا
الوديعة، إذ إن الوديع لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط.
وبناءً عليه: فإن التكييف الفقهي الصحيح للحسابات
الجارية في المصارف هو أنها "قروض"، وليست "ودائع"، ولا
يُعتدّ بتسميتها الشائعة بين الناس.
ومن الآثار المترتبة على هذا التكييف: أنه لا
يجوز للمصرف – بوصفه مقترضًا – أن يُهدي للعميل – بوصفه مقرضًا – أي هدية ما دام
القرض لم يُسدد، إذ إن هدية المقترض للمقرض قبل الوفاء غير جائزة شرعًا، ومن ذلك:
الهدايا والعروض التي تقدمها البنوك لأصحاب الحسابات الجارية.
وكتب
ناجي إبراهيم الدوسري
الاثنين 6 ذو الحجة 1446هــ
2 / 6 / 2025م
إرسال تعليق