iqraaPostsStyle6/سؤال وجواب/3

بيان أقسام التوحيد...

الكاتب: ناجي الدوسريتاريخ النشر: آخر تحديث: وقت القراءة:
للقراءة
عدد الكلمات:
كلمة
عدد التعليقات: 0 تعليق

توحيد الربوبية

توحيد الربوبية هو الإقرار بأن الله وحده هو الخالق، الرازق، المدبر، المحيي، المميت، الذي لا شريك له في أفعاله، وقد أجمع العقلاء وأصحاب الفطر السليمة على هذا النوع من التوحيد، فلا يُعرف أن أمة من الأمم أنكرت وجود الله تعالى، وإنما ظهر هذا الإنكار في العصر الحديث مع نشوء الفكر الإلحادي المعتمد على المادية الجدلية، كما في النظرية الشيوعية وغيرها من الفلسفات الغربية الحديثة.

إنكار الخالق عز وجل، مع التسليم بوجود المخلوقات، يمثل تناقضًا منطقيًا بيّنًا، كما أشار إليه القرآن الكريم بقوله تعالى: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ﴾ [الطور: 35]. وقد أظهر الله تعالى في الآفاق والأنفس من الآيات الدالة على وجوده ووحدانيته ما تقوم به الحجة على كل عاقل، قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [فصلت: 53].

وقد ثبت أن المشركين في الجاهلية، على الرغم من شركهم في العبادة، كانوا يقرّون بتوحيد الربوبية، قال تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ﴾ [الزخرف: 9]. وهذا يؤكد أن من ينكر وجود الله في هذا العصر قد وقع في مناقضة أشد مما وقع فيه مشركو العرب.

توحيد الألوهية (العبادة)

أما توحيد الألوهية، فهو إفراد الله تعالى بالعبادة، وهو الغاية من إرسال الرسل وإنزال الكتب، كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 25].

والانحراف الذي وقع فيه الناس بعد القرون الأولى، هو صرف العبادة لغير الله من دعاء واستغاثة ورجاء وخوف، وقد بدأ ذلك بتعظيم الصالحين وتصويرهم، ثم تطور إلى عبادتهم كما وقع في قوم نوح، وقد تكرر هذا النمط في الأمم التالية، ومنها العرب قبل الإسلام، حيث كان لكل قبيلة صنم تعبده.

وتوحيد العبادة يشمل أعمال القلوب والجوارح، من الدعاء والتوكل والإنابة والخوف والخشية، وغيرها من العبادات التي يجب صرفها لله وحده.

وقد ظهر في العصر الحديث من يدعو غير الله عز وجل، ويستغيث بالأولياء والصالحين، مما يناقض أصل التوحيد ويقع بصاحبه في الشرك.

والعجب أن هؤلاء يفعلون ذلك في حال الشدة، في حين أن مشركي الجاهلية كانوا يخلصون الدعاء لله في حال الكرب، قال تعالى: ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [العنكبوت: 65].

التشريع والطاعة

ومما يدخل في توحيد الألوهية أيضًا: إفراد الله بالحكم والتشريع، قال تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾ [يوسف: 40]. فلا يجوز لأحد أن يتحاكم إلى غير شريعة الله، ولا أن يرضى بغير ما أنزل الله من القوانين الوضعية.

وقد نفى الله الإيمان عمن لم يحتكم إلى النبي ﷺ، بل أوجب التسليم الكامل لما قضاه، فقال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ﴾ [النساء: 65]، وقد بيّن العلماء أن هذه الآية تضمّنت مراتب الدين الثلاث: الإسلام، الإيمان، والإحسان.

فمن حكم رسول الله ﷺ فهو مسلم، ومن سلم قلبه لما قضى فقد آمن، ومن رضي وانقاد بكمال التسليم فقد بلغ مقام الإحسان.

توحيد الأسماء والصفات

النوع الثالث من التوحيد هو توحيد الأسماء والصفات، ويعني إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله ﷺ من الأسماء والصفات، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، كما قال تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11].

وقد انحرفت طوائف من المتكلمين في هذا الباب، فالجهمية نفوا الأسماء والصفات، والمعتزلة أثبتوا الأسماء دون الصفات، والأشاعرة أثبتوا بعضها دون بعض. والحق ما كان عليه السلف الصالح من الإثبات بلا تمثيل والتنزيه بلا تعطيل، فالخروج عن هذا الأصل قد يوقع في الكفر بحسب درجة الانحراف.

 

 

 

وكتب

ناجي إبراهيم الدوسري

الأحد 27 ذو القعدة 1446هــ

25/5/2025

 

 

 


شارك المقال لتنفع به غيرك

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

ليست هناك تعليقات

5225140061176126764

العلامات المرجعية

قائمة العلامات المرجعية فارغة ... قم بإضافة مقالاتك الآن

    البحث