بعض شروح صحيح البخاري

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

من أركان النكاح الايجاب والقبول، ولا يصح النكاح إلا بهما، ويشترط للإيجاب والقبول أن يكونا في مجلس واحد، وكذلك يشترط الإشهاد لصحة النكاح، وقد اختلف أهل العلم في إجراء عقد النكاح بالوسائل الحديثة كالهاتف والإنترنت:

القول الأول: جواز إجراء عقد النكاح عن طريق الهاتف والانترنت، وذلك أن التعاقد عن طريق هذه الوسائل تتوفر فيه شروط عقد النكاح من الايجاب والقبول وسماع كل من الزوجين الآخر، ويمكن الموالاة في الايجاب والقبول لسهولة التواصل في شبكة الانترنت، وكذلك سماع الشهود لهما، وحضور الولي، فيكون العقد كاملًا.

القول الثاني: منع إجراء عقد النكاح عن طريق الهاتف نطقًا، وعللوا المنع بأنه يمكن دخول الخداع فيه بين العاقدين، وأنه يحتاط في الفروج ما لا يحتاط في غيره.

وقد اشترط أصحاب هذا القول:

1-           أن يكون كل من الطرفين (الزوج والزوجة) بعيدًا عن الآخر، يصعب اللقاء بينهما.

2-           يشترط وجود ولي المرأة أو وكيله، وتلفظه بالقبول حال تلفظ الخاطب، لتحقق الموالاة بينهما في الاتصال.

3-           أن يسمع الايجاب والقبول شاهدان مسلمان عدلان. وذلك بحضور الشاهدين الاتصال.

4-           أن يرى كل من العاقدين الآخر، أو يراه عند الاتصال الولي أو وكيله.

5-           يكون الاتصال مرئيًا عند العقد وبحضور الولي والشهود ليروا ويشهدوا.

ولأنَّ المسألة من المسائل الاجتهادية وبناءها ليس على دليل لاستجداد هذه الوسائل في وقتنا الحاضر وإنما على توفر شروط وأركان عقد النكاح من عدمه.

والذي يظهر جوازها لأمور:

أن مَن منعها إنما منعها لأن الهاتف الصوتي يمكن تقليده، وقد يقع أحد العاقدين في الخداع، فيمكن أن يُشترط العقد أن يكون مرئيًا وليس صوتيًا، وقد وجدت برامج وأجهزة تنقل الصوت والصورة وكأنَّ أحد الطرفين يجلس مع الآخر، فانتفت علة الخداع.

وكذلك منعوا عدم تمكن الشهود من الاشهاد، وهذا غير صائب؛ ذلك أن الشاهدين يسمعون ويرون كما لو كان العاقدان حاضرين.

وأما قول المانعين بأنه يحتاط في الفروج، فنعم لكن مع توفر سلامة الشروط، وتحقق الأركان فقد تم الاحتياط.

فلذلك ومما سبق يترجح قول من أجازها بشروطها التي ذكرناها والله أعلم.

 

وكتب

ناجي إبراهيم الدوسري

2/شوال/1444هـ